"لا ملامح لهم".. قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 أطفال من عائلة واحدة في غزة
"لا ملامح لهم".. قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 أطفال من عائلة واحدة في غزة
في خيمة عزاء غارقة بالصمت والذهول في خان يونس جنوب قطاع غزة، جلس علي النجار مذهولًا لا يعرف ماذا يقول لأخيه حمدي حين يصحو من غيبوبته: "هل أخبره أن أبناءه التسعة قد استشهدوا؟ كيف أقول له ذلك؟"، تساءل بصوت مرتجف، لقد كانت المجزرة التي وقعت ظهر الجمعة أكبر من قدرة القلب على الاحتمال.
استُهدف منزل الطبيب حمدي النجار في خان يونس بقطاع غزة بدون سابق إنذار، بحسب ما أكده شقيقه علي الذي هرع إلى الموقع ليجد كومة من الركام مكان البيت، قال: "وجدت المنزل مثل البسكويت.. كومة تراب فوق الأطفال" بحسب فرانس برس.
وأضاف: "وصل الدفاع المدني لإطفاء الحريق، فوجدوا إحدى جثث الأطفال متفحمة، متطايرة خارج المنزل، رأيت أخي ملقى على الأرض، رأسه ينزف، يده مبتورة، ومغطى بالركام، وبدأت أبحث عن الأطفال".
طفل محروق وأب ينازع
تمكّن علي من العثور على الطفل آدم، البالغ من العمر عشرة أعوام، وهو محروق في أنحاء جسده، نقله بسيارته مباشرة إلى المستشفى، بينما تولت فرق الدفاع المدني إنقاذ الطبيب حمدي، الذي أُصيب بجروح بالغة وخضع لعدة عمليات جراحية صعبة، من بينها استئصال 60% من رئته اليمنى، وتلقّى 17 وحدة دم.
لكن الكارثة لم تتوقف هنا، فقد بُترت يد آدم، ويرقد مع والده الآن في قسم العناية المركّزة بمستشفى ناصر، الذي يفتقد إلى التجهيزات الأساسية.
كانت الدكتورة آلاء، زوجة حمدي، تمارس عملها في قسم الأطفال في مستشفى ناصر، حين وصلها خبر قصف بيتها، ركضت بلا وعي، دون مواصلات، حتى وصلت إلى حطام منزلها، وتصف شقيقتها سهر المشهد قائلة: "وجدت المنزل قد تحول إلى كومة أحجار، صرخت، وبكت، وعرفت جثة نيبال، ابنتها، من اسمها فقط".
صدمة الطبيبة آلاء
جلست آلاء في خيمة العزاء، وسط نساء المدينة، تحدّق في الأرض دون حراك، والصدمة تُغلف ملامحها، وتقول سهر وهي تبكي: "لم أتعرف على أي أحد من الأطفال، لا ملامح لهم، كانوا متفحمين تمامًا.. إنها مأساة لا توصف".
أكّد علي النجار، وقد دفن الأطفال في قبرين، أن "لا مكان آمن في غزة"، وقال بصوت متهدج: "الموت أرحم من هذا العذاب".
فيما قالت سهر: "تسعة من الأطفال احترقوا، والطفل العاشر ووالده في حالة حرجة.. آلاء تعاني من صدمة شديدة، لها الله".
موقف الجيش الإسرائيلي
في رد على استفسار حول الحادث، قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مبنى رُصد فيه "عدد من المشتبه بهم" ينشطون بالقرب من قواته، مضيفًا أن "خان يونس منطقة حرب خطرة"، وأن "الادعاء المتعلق بالضرر المدني قيد المراجعة".
وكان الجيش قد أصدر في وقت سابق تحذيرًا بإخلاء خان يونس، لكن القصف جاء على منزل طبيب وطبيبة وأطفالهما، بعيدًا عن ساحة القتال.
تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، مخلفة آلاف القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وتسببت الغارات في دمار واسع للبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمنازل السكنية.
وتواجه المستشفيات في القطاع أوضاعًا كارثية وسط نقص حاد في الإمدادات الطبية، في وقت تُوثق فيه منظمات حقوقية تزايد الانتهاكات ضد المدنيين.